آخر المواضيع

الخميس، 20 يونيو 2013

وادي الحجير.. تحفة لبنان الطبيعية

على ضفاف نبع وادي الحجير القريب من الحدود اللبنانية الفلسطينية تجتمع عائلة من قرية القنطرة (جنوب لبنان)، وقد قررت تناول مناقيش الجبنة والزعتر، بين أشجار الزيتون، على إيقاع خرير مياه النبع الذي عاد يتدفق بغزارة بعدما جفت مياهه في الأعوام الماضية. كانت العائلة الوحيدة في المكان المعروف باكتظاظه بالزوار في عطل نهاية الأسبوع.
وعلى الرغم من قضاء العدو الإسرائيلي على أشجار الزيتون المعمرة أثناء حرب (تموز) 2006، عاد الأهالي اليوم يقصدون النبع، ليمارس بعضهم هواية السباحة، ويتوزع البعض الآخر تحت الأشجار وداخل البساتين المحيطة بالمطاحن القديمة يدخنون النرجيلة أو لأخذ جلسة مع الذات أو مناشدة للذكرى والهدوء والراحة.
ويقول رئيس بلدية القنطرة (جنوب لبنان) عبد الحميد غازي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد باشرنا بإطلاق المتنزه العمومي وهو عبارة عن برك تغذيها ينابيع طبيعية مدعمة بحوائط حجرية تراثية، وتعلوها مجموعة من القناطر بالتعاون مع اتحاد بلديات جبل عامل. لقد بات الوادي اليوم مقصدا للعائلات اللبنانية من المناطق اللبنانية كافة، وهو يجسد حضارة ورقي المنطقة ككل».
ويتابع بأن هذا المشروع هو «الملاذ الترفيهي الأقرب للقاطنين هنا، حيث كان المكان يتسع لـ25 شخصا، أما اليوم فأصبح بمساحة 700 متر مربع، وصار بإمكان نحو الخمسين شخصا السباحة في آن واحد، كما عملنا على توسيع المنطقة حيث باتت تستطيع استقبال عشرات العائلات بشكل مجاني».
* متنزهات القرية
* وإضافة إلى المشروع هناك عشرات المتنزهات التي تسرد تراث القرية، في ظل محاولات أصحابها تقديم حركة عمرانية تتجانس مع ملامح الوادي، مرتدية ثوب التراث والحضارة العمرانية القديمة.
الرحلة إلى عمق «تحفة لبنان الطبيعية»، ذلك المحفل الخارج عن سطوة «التلوث»، تبدأها من مطحنة «الرمانة» التي شيدت فوق نبع الحجير في مكان طبيعي وبيئي هو الأروع في المنطقة، مطحنة تعاند الاستسلام إلى الإهمال، بل وأكثر، ما زالت حاضنة لكل محتوياتها القديمة وتفاصيل الحياة داخلها.
وتعتبر هذه المطحنة من أقدم المطاحن المائية في لبنان على الإطلاق، وقد تحولت اليوم إلى مكان يقصده الزائر ليلتقط الصور أو للتعرف على تاريخها الذي يعود إلى مئات السنين، ولسيتمتع بجمال المياه وعذوبة المناخ والبساتين المنوعة التي تحيط بها.
فالرمزية التي تحملها تكمن في أنها واحدة من ثماني مطاحن، بعضها اندثر وبعضها تعرض للتدمير خلال حرب يوليو (تموز) 2006، وهي مطحنة السمحاتية، أبو شامي، الشقيف، قرين، العين، الجديدة، السلمانية.
وعند وصولك إلى تقاطع قعقعية الجسر - فرون يستقبلك قصر على الطراز الصيني شاهق بجماله، يغويك بإبداعاته للتعرف عليه عن كثب وعلى طريقة تصميمه.
* العرزال
* في منتصف الطريق الذي يشق الوادي افتتح منذ مدة متنزه ومطعم ومسبح، وهو مشروع ضخم بتمويل كبير، أقدم عليه أحد المستثمرين «الشجعان» في منطق ليقرر لاحقا بناء «عرزال» هناك.
الكثيرون يأتون إلى «العرزال» من مناطق مختلفة، وخصوصا من منطقة صور، وكثير من عابري السبيل في الوادي يلفتهم المكان فيتوقفون للاستراحة أو للسؤال، ثم يعودون في مرات أخرى، ويقصده كثيرون ممن تتعطل سياراتهم في الوادي ليلا.
وللوادي قيمة تاريخية حيث لا تزال مطحنة الرمانة شاهدة على تاريخ الجنوب اللبناني وثورته التي قادها المناضلان أدهم خنجر وصادق حمزة إثر المؤتمر العام الذي انعقد على رأس نبع الحجير في 24 أبريل (نيسان) 1920 للدعوة لمقاومة الاحتلال الفرنسي، وذلك بطلب من العلامة المجاهد عبد الحسين شرف الدين وعرف بمؤتمر وادي الحجير.
في عام 2010 تم إقرار القانون المتعلق بإنشاء «محمية وادي الحجير الطبيعية» في الجنوب، ليضيف إلى المساحات المحمية في لبنان أكثر من 1555 هكتارا هي من بين أروع المناطق الطبيعية في لبنان.
تحد المحمية 36 بلدة وقرية من النبطية ومرجعيون وبنت جبيل، من مجرى نهر الليطاني في قعقعية الجسر شمالا حتى بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل جنوبا والملاصقة للحدود اللبنانية - الفلسطينية، ومن الغرب بلدات كثيرة كالقنطرة، ومجدل سلم، وقبريخا، والطيبة.
وينسبط الوادي في غور كبير ذي شعاب كثيرة وعرة، وسفوح سريعة الانحدار، في بقعة جغرافية تعج بالغابات تشعرك وكأنك في مجاهل أفريقا أو غابات الأمازون.



* نشاطات وصيد
* ليست النزهات وحدها الشائعة في الوادي نهارا، بل الصيد أيضا، ويقال إن البعض يصطاد، إلى الطيور، الخنازير البرية، وتبدو آثار الصيد واضحة في عبوات الذخيرة الفارغة، وفي طلقات نارية أصابت بعض أغصان الأشجار.
فالمناطق الحرجية في وادي الحجير الوادي الأعمق والأجمل في لبنان، هي من أكثر المناطق الحرجية عذرية في لبنان.
ومن الخطوات التي قام اتحاد بلديات جبل عامل نشر التوعية اللازمة لمرتاديها عبر المحافظة عليها، تأليف لجنة لإدارتها وتأهيل فرق لحمايتها، ودعم مراكز الدفاع المدني تحسبا لأي حريق محتمل.
كذلك سيتم إنشاء غرف للعمليات المشتركة لمكافحة الحرائق وبناء 3 أبراج مراقبة، تتم من خلالها مراقبة كل أرجاء المحمية ومنع المخالفات فيها.
وتتميز المحمية بتنوع أشجارها بين السنديان والبلوط والبطم والغار والزعرور والخروب وغيرها، ويرويها نبعا السلوقي والحجير اللذان يشقان طريقهما في أنهر صغيرة تجذب السكان للاستراحة والتأمل.
لقد بات لهؤلاء مكان يأنسون إليه ليسلكوا الطريق المظلم، فضلا عن محطة محروقات افتتحت في مكان آخر على طريق الوادي، كمشروع تجاري يتوقع له النجاح.
إشارة إلى أن المفارقة الأغرب في الوادي، التي يلاحظها كثيرون من عابريه نهارا، يوجد جامع في منطقة غير آهلة بالسكان، وهو موجود - على ما يشاع - قبل افتتاح الطريق الذي لا يعرف الازدحام، وقد تم تعبيده من قبل الصندوق الكويتي للتنمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox