آخر المواضيع

الجمعة، 21 يونيو 2013

سنغافورة.. طفلة الشرق وجنة التسوق


تعدد أسماء «سنغافورة»، فهي أرض الأحلام، وهي «تيماسيك» أو مدينة البحر، أو كما عرفت فيما بعد مدينة الأسد أو «سينغا - بورا»، والتي يمثلها تمثال «المريليون» برأس أسد وجسم سمكة، وعرفت باللغة الدارجة بسنغافورة، فأيضا هي أرض الأعراق المتعددة والعقائد المختلفة، كما أنها من البلاد الكوزموبوليتانية القليلة في العالم، وشعبها مبتسم دائما ويستقبلك بكلمة واحدة (ما كان) أوmaccan is ready أو الطعام جاهز لاستقبالك بدلا من التحية، فهي بلاد الطعام الجميل والتذوق الرائع، كما عرفت في منطقة الشرق الأقصى بعدة ألقاب منها «طفلة الشرق الأقصى» أو «جنة التسوق» لما عرف عنها من تعدد أسواقها وبضائعها ما بين الإيراني والتركي والصيني والهندي والماليزي، فهي تجمع تلك الأعراق بداخلها وتحتضنها ولكن سكانها الأصليين يتحدرون من ماليزيا والصين والهند ويمثل الصينيون 77 في المائة من سكانها، بينما الماليزيون 14 في المائة، والهنود 7 في المائة، ولكن الماليزيين هم من بنوها منذ أكثر من 190 عاما، واكتشفها كريستوفر كولومبوس عام 1819.
بدأت «طفلة الشرق» رحلة بنائها الحقيقي عندما حكمها «لي كوان يو» الذي تسبب في نهضتها ووضعها على خريطة النمور الآسيوية منذ 1959 وحتى عام 1990، ولكن حولها إلى ناطحات سحاب في 25 عاما، كما تعتمد على نظام تعليمي من أقوى النظم التعليمية في العالم ويعتمد بشكل رئيس على اللغة الإنجليزية من أجل نهضة السياحة، وكانت النتيجة شعب بأكمله يعرف كيفية التعامل مع السائح ويتقبله أيا كان عرقه أو لونه أو دينه دون تمييز، فالكل لدية متساو، والترحاب والعناية والخدمة الجيدة سلوك أساسي للشعب السنغافوري.
* تاريخ سنغافورة
* شهد تاريخ سنغافورة الكثير من الصراعات بهدف السيطرة عليها واستغلالها، نظرا لموقعها المتميز في القارة الآسيوية كمركز تجاري مهم، فهي من أصغر عشرين دولة في العالم مع مساحة كلية من الأرض تبلغ 682.7 كم مربع، ورغم ذلك فهي سكانيا البلد الأكثر كثافة في العالم، وهناك الكثير من المعلومات الطريفة حول سنغافورة منها أن شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام يولد أكبر عدد من المواليد بخلاف أي شهر آخر في العام. لمن يفضل زيارة سنغافورة فأفضل شهور العام يونيو (حزيران) ويوليو (تموز)، فطهاة العالم يجتمعون في هذين الشهرين في مهرجان الطعام من كل عام إضافة لتوازيه مع مهرجان الخصومات والتخفيضات والتي تصل إلى نحو 70 في المائة، لذا نصيحة عند زيارة سنغافورة اذهب بقليل من المتاع لأنك حتما ستعود بالكثير من المنتجات والبضائع.
ويعد شارع «أورشارد» أشهر شوارع سنغافورة للتسوق، وهو قريب من الحي العربي، الذي يضاف إلى الحي الصيني والحي الهندي هناك، فالعرب من الأعراق التي مرت على مدينة الأسد وأثرت فيها تأثيرا كبيرا.
* الحي العربي
* عندما تبدأ جولتك في الحي العربي يلفت نظرك العمارة ذات الطراز العربي المعروف، خاصة مسجد سلطان بطرازه العربي، والذي يقع أمامه مطعم لبناني بلدي يترك صاحبة اللبناني إدارته معظم الوقت للسنغافوريين من أهل البلاد، ويقابلك أثناء جولتك في الحي العربي محل تم تأسيسه عام 1933 كما هو مكتوب على لافتته ويبيع الكازوزة وجميع العطور الإسلامية، وكنت أثناء الجولة أحاول البحث عن أي عربي في هذا الحي حتى أتحدث معه، إلى أن وقع على سمعي صوت المطرب المصري إيهاب توفيق ينبعث من محل يبيع النرجيلة بأنواعها وبدل الرقص الشرقية، استقبلني صاحبه بابتسامة ترحاب، وعرفت أنه تركي وأنه هاجر إلى سنغافورة منذ عشرة أعوام ليبدأ فيها أحلامه. وفي الجهة المقابلة طالعني محل مكتوب على لافتته باللغة العربية أنه يبيع جميع أنواع السجاد بأفخر أنواع النسيج وبداخل المحل شاب ذو ملامح عربية لا شك فيها، لكن تكتشف أنه إيراني حين يقوم بتحيتك باللغة الفارسية معتقدا أنك من بلاد فارس. وفي نهاية الجولة سوف تكتشف أن الحي العربي به جنسيات من الماليزيين والأتراك والإيرانيين ولكنه يخلو من العرب، لكن الأكيد أن زواره الدائمين من العرب، خاصة بعد أن ينهوا جولتهم في شارع أورشارد الشهير.
* التنقل
* يمكن للسياح استخدام «التريشاو» كوسيلة انتقال وكذلك للترفيه واستكشاف شوارع سنغافورة، فهو عبارة عن دراجة هوائية مصممة لنقل الركاب في مقعد جانبي إضافي وركوبها يعد متعة كبيرة.
سنغافورة عبارة عن مدينة أجزاؤها الآلات والبشر، فهي منضبطة إلى حد كبير ومنظمة ولديها هوس بالنظافة، فهي مدينة يطمع زائروها في الطعام والمبيت النظيفين والتسوق والمتعة بالمناظر الطبيعية. ومن البؤر الترويحية منطقة «كلارك كي» وهي تقع على حافة نهر سنغافورة في الجزء الشرقي من المدينة، حيث يتجمع الموظفون لأخذ قسط من الراحة بعد يوم عمل شاق، ويستمتع السائح بعشرات المطاعم والمقاهي القديمة التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثامن عشر وكانت وقتها مخصصة لإيواء البحارة وقت ازدهار تجارة الأفيون هناك، كما تشهد منطقة كلارك كي في المساء بعض النشاطات الترفيهية من حفلات موسيقية لفرق محترفة وهاوية على حد سواء من أجل إضفاء جو من المتعة والمرح وسط الأضواء المنبعثة من ناطحات السحاب المحيطة التي تحوي بين جدرانها كبرى شركات سنغافورة المالية والتجارية.
* جزيرة سنتوسا
* ولا يفوت زائر سنغافورة المرور على جزيرة «سنتوسا» الصغيرة الملاصقة للجزيرة الأم والتي تعد من أكثر المعالم السياحية شهرة، ويمكن للزائر الوصول إليها إما بالحافلة أو بواسطة التليفريك والتي طورته الحكومة السنغافورية كوسيلة نقل سريعة ومسلية، ويمكن الاستمتاع بشاطئ الدلافين، حيث تحدث محاكاة بين الدولفين والإنسان وعروض بهلوانية ممتعة، كذلك المتحف البحري الذي يمتلك أعدادا هائلة من عجائب أعماق البحار، ومتعة الصعود على برج «كارليسبرغ» البالغ ارتفاعه 110 أمتار فوق سطح البحر لمشاهدة عدد من الجزر الإندونيسية إضافة إلى جزء صغير من ماليزيا، ويوجد في الجزيرة متحف للفراشات ومنطقة بركانية صناعية.
* الحي الصيني
* أما عن زيارة الأحياء الصينية والهندية فهي متجاورة، ويمكن الاستمتاع بوجبات الطعام الشهية المتقنة.
وهذه الأحياء نشأت عندما قدم إلى سنغافورة المهاجرون من الهند والصين وسكنوا في بداية الأمر في أحياء مختلطة إلى أن وقعت مواجهات على خلفية عرقية مطلع القرن الماضي مما حدا بالسلطات إلى فصل السكان في ثلاثة أحياء، وهي الحي الهند والذي يحوي المهاجرين من الهند، والحي الصيني إضافة إلى حي المالاي، حيث يقطن المهاجرون المسلمون من ماليزيا وإندونيسيا وكذلك الهند.
وبعد أن توسعت البلاد وكثر عدد السكان وولدت أجيال جديدة لم يعد بينها العنصرية وأحياء مخصصة لعرق بعينه، ولكن من أجل الترويج السياحي أبقت السلطات السنغافورية على تلك الأحياء، خاصة الاحتفاظ باسمها، لكنها امتلأت بالمطاعم والمحلات التجارية التي تقدم للزوار كل ما له علاقة بالهند والصين من أطعمة وبخور وتوابل وأعشاب طبية وعيادات للعلاج بالإبر الصينية وما إلى ذلك.
سنغافورة بلد ناطحات السحاب، فهناك يمكنك تناول الطعام على ارتفاع 70 طابقا في أعلى فنادق سنغافورة، أو على متن عربة الترام من «ماونت فابر» إلى جزيرة سنتوسا، وهي متعة لا يمكن أن تنسى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox